أثار نادي الهلال جدلا واسعا في الشارع الرياضي السعودي خلال الـ48 ساعة الأخيرة، بعدما أعلن انسحابه من بطولة كأس السوبر المحلي 2025.
وكان من المقرر أن يلعب الهلال ضد القادسية يوم 20 أغسطس/آب المقبل في الدور نصف النهائي من المسابقة، إلا أنه فاجأ الجميع بانسحابه الرسمي من البطولة المقرر إقامتها في هونج كونج.
بعثرة الأوراق
يعتبر انسحاب الهلال من البطولة، بمثابة صدمة قوية ضربت مسؤولي الاتحاد السعودي لكرة القدم، والشركات الراعية للبطولة.
ويعود السر وراء إقامة البطولة في هونج كونج إلى أسباب تسويقية وإعلانية بحتة خاصة بهذا البلد، حيث يتطلع صناع القرار هناك، لبيع أكبر عدد مكن من التذاكر وغيرها من الأمور، بسبب التنافس بين نجوم الأندية السعودية.
وجود “الزعيم” كان سيمثل إضافة كبرى للبطولة، نظرا لأنه البطل التاريخي للمسابقة وحامل لقب النسخة الأخيرة، بالإضافة إلى الشهرة الواسعة التي اكتسبها حول العالم، بعد ظهوره المشرف في مونديال الأندية الأخير.
واستفسرت الشركات الراعية للبطولة من الاتحاد السعودي عن موقف الهلال خلال الأيام الأخيرة قبل إعلان الانسحاب الرسمي، حيث أكدوا أن ابتعاده عن المسابقة، سيتسبب في خسارة قوية، بالإضافة لتغيير بعض الترتيبات.
والأزمة الأكبر، تتمثل في رفض أهلي جدة المشاركة في السوبر بدلا من الهلال، بعد تواصل الاتحاد السعودي مع إدارة النادي، ولم يتحدد البديل الجديد حتى هذه اللحظة.
تحول وانتقادات
تسبب انسحاب الهلال من البطولة إلى تحول صادم في نظرة الجماهير والإعلام إليه خلال فترة بسيطة، حيث كتب التاريخ قبل أيام قليلة بوصوله إلى ربع نهائي النسخة الحديثة من مونديال الاندية.
وجاء وصول “الأزرق” إلى هذا الدور، بعد رحلة رائعة تمكن من خلالها التعادل مع ريال مدريد وسالزبورج، وهزم باتشوكا ومانشستر سيتي، ثم سقط أمام فلومينينسي بالدور ربع النهائي، ليصبح أول فريق عربي وآسيوي يهزم نادٍ أوروبي، ويصل لهذه المرحلة التاريخية.
وأصبح “زعيم آسيا” حديث العالم، ولكنه سرعان ما دخل التاريخ من الباب الخلفي بعد أيام قليلة من إنجاز المونديال، حيث تعد هذه هي المرة الأولى التي تشهد انسحاب الهلال من بطولة محلية على مدار تاريخه.
صحيح أن تركيز الهلال في الفترة المقبلة على بطولتي الدوري ونخبة آسيا، إلا أن انسحابه من السوبر سيمنح منافسيه فرصة دخول الموسم الجديد بلقب محلي، وهو ما سيتسبب في دفعة معنوية للطرف الفائز.
وانفجرت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الأخيرة، بتعليقات صادمة من جماهير النادي والفرق المنافسة، والتي رفضت موقف الهلال، حيث وصف بعضها هذا القرار بـ “العار” الذي سيلاحق الزعيم.
كذلك، تعرض الهلال لانتقادات قوية من خبراء كرة القدم، حيث قال سعيد العويران، نجم المنتخب السعودي السابق: “يجب تطبيق أقصى عقوبة على الهلال، حتى لا يتكرر هذا الأمر مرة أخرى”.
وطالب مسلي آل معمر، رئيس النصر السابق، بمنع الدعم الحكومي المالي عن الهلال، لافتا إلى أن موقفه ليس له أي تبرير.
الهلال يدور حول نفسه
رغم خروج الهلال ببيان رسمي يوضح خلاله سر الانسحاب، إلا أن كان بمثابة الإدانة وليس البراءة، لأن الأسباب التي تحدث عنها ليست منطقية.
الفريق الهلالي نجح بالفعل في تشريف الكرة العربية بشكل عام في المونديال، بعد موسم طويل وشاق، ولكن الانسحاب ليس مبررا، لأن المشاركة في البطولة القارية المنتهية أمر استثنائي على جميع أندية العالم.
واستند الهلال في بيانه على حالة الإرهاق التي أصابت لاعبيه وعدم حصولهم على الراحة الكافية، بالإضافة لصعوبة خوض فترة الإعداد بشكل كامل، نظرا لضيق قبل السوبر المحلي.
وحاول الهلال في بيانه تجنب الضرر المتوقع عليه، بوضع اسم المنتخب السعودي في جملة مفيدة مع انسحابه، حيث أشار إلى أن القرار سيعود بالنفع على الأخضر، بسبب راحة اللاعبين قبل خوض ملحق كأس العالم.
لكن بالنظر إلى ذلك البيان، نجد الهلال ظهر وكأنه شخص يدور حول نفسه، لتبرير موقفه الصادم، ولكنه لا يمتلك الأدلة الكافية، حيث أن انسحابه جاء دون أسباب قهرية تمنعه من المشاركة، وذلك لأن إجازته بدأت بالفعل منذ خروجه من المونديال يوم 5 يوليو/تموز الجاري.
ويعني ذلك أن “الزعيم” سيحصل على أكثر من 40 يوما بين راحة وفترة إعداد، قبل المشاركة في السوبر المقرر إقامتها بعد شهر تقريبا.
والحقيقة هي أن الهلال، يرغب في الحصول على راحة كبيرة من أجل العودة لمنصات التتويج، وهو قرار مشترك بين الإدارة وإنزاجي.
ورقة غير مشروعة
من ضمن الأسباب التي ذكرها الهلال في بيانه، أن الفريق ظل متواجدا في مدينة أورلاندو الأمريكية لمدة 3 أيام، عقب الخروج أمام فلومينينسي، نظرا لسوء الأحوال الجوية، ما أدى إلى تقلص الإجازة إلى 24 يوما.
وأكد الهلال أن العقود الإلزامية الواردة في ملاحق لائحة الاحتراف وأوضاع اللاعبين الصادرة من الاتحاد السعودي لكرة القدم، تنص على منح حصول كل لاعب على 28 يوما من الراحة بعد نهاية الموسم.
لكن استكمالا لسوء التبرير، فإن الإدارة الهلالية وضعت نفسها في موقف لا تحسد عليه، وذلك لأن الثنائي البرتغالي جواو كانسيلو وروبن نيفيز، اتجه إلى البرتغال لحضور جنازة صديقهما ديوجو جوتا، لاعب ليفربول الراحل، بعد ساعات قليلة من توديع المونديال.
ويثبت ذلك، أن الظروف كانت ملائمة للسفر بشكل طبيعي، وذلك غير تصريحات المستشار والخبير القانوني رياض الزهراني الذي قال: “يحق لكل لاعب الحصول على 28 يوما إجازة، لكن لا يشترط أن تكون متصلة أو بعد نهاية الموسم مباشرة”.
وتابع: “يمكن تقسيم الإجازة على مدار الموسم حسب ظروف البطولات التي يشارك فيها الفريق، ولا يشترط منحها في فترة واحدة، ولاعبي الهلال حصلوا بالفعل على إجازة جزئية عقب نهاية الموسم، ويمكنهم أخذ المتبقي منها لاحقًا، فلا يوجد خرق فعلي للائحة، ما دام سيتم منحهم 28 يوما كاملة”.
وشدد: “اللائحة لم تنص على وجوب منح الإجازة بعد نهاية الموسم مباشرة، بل تركت الأمر حسب ظروف الموسم، وبالتالي كان يجب على الهلال جدولة المتبقي منها لاحقا، بالتنسيق مع الجهاز الفني والطبي”.
وأكد الخبير القانوني أن مبرر الهلال ليس كافيا، خاصة أنه لا يمتلك أي أعذار قهرية، لافتا إلى أن المشاركة في المونديال هي أمر واقع على جميع الأندية التي شاركت، ولا يعني ذلك انسحابهم من البطولات المحلية، كما فعل الزعيم.
وبحساب الأيام التي سيحصل عليها الهلال بعد توديع المونديال، نجد أنه يمتلك حوالي 45 يوما، قبل المشاركة في أولى مباريات السوبر، وذلك غير الأيام التي حصل عليها عقب نهاية موسمه المحلي.
0 تعليقات الزوار