في كرة القدم، كلما قلت مخاطرك، قلت خسائرك، حكمة لا يتبعها نادي النصر السعودي، الذي أقدم لسنوات طويلة، على سلسلة من الرهانات، منها ما نجح، وبات مضربًا للأمثال، ومنها ما فشل، فجرَّ للخيبة أذيال.
آخر الرهانات التي ينوي نادي النصر، الإقدام عليها، هو التعاقد مع البرتغالي جواو فيليكس من صفوف تشيلسي، لينضم إلى الفريق، بداية من الموسم المقبل.
قبل الانتقال إلى النصر، كانت كل الأنباء تشير إلى اقتراب جواو فيليكس من العودة إلى بنفيكا، النادي الذي بدأ فيه مسيرته.
هذا الخبر يجعلك تشعر، وكأن اللاعب يستعد لختام مسيرته الكروية، من خلال العودة إلى ناديه الأول، البعيد عن الدوريات الخمس الكبرى، كما فعل الكثير من النجوم، وآخرهم آنخيل دي ماريا على سبيل المثال.
بالعودة إلى الواقع، فإن فيليكس يبلغ من العمر 25 عامًا فقط، غير أن مسيرته في ملاعب كرة القدم، توحي للجميع، وكأنه لاعب يطرق أبواب الاعتزال بالفعل.
وعلى مدار 7 سنوات، منذ تصعيده إلى الفريق الأول لبنفيكا في صيف 2018، لعب جواو فيليكس لصالح 5 أندية قبل النصر، شملت أتلتيكو مدريد وتشيلسي وبرشلونة وميلان، بالإضافة للفريق البرتغالي.
هذا العدد الضخم من الأندية، التي لعب لها جواو فيليكس تحقق في 7 سنوات فقط، في الوقت الذي احتاج لاعب مثل زميله القادم، كريستيانو رونالدو إلى نحو 20 عامًا لتحقيقه.
بعد موسم واحد مع الفريق الأول في بنفيكا، خطف الشاب البرتغالي، أنظار الأرجنتيني دييجو سيميوني، مدرب أتلتيكو مدريد، ليجعله النادي الإسباني، أغلى لاعب في تاريخه بنحو 120 مليون يورو.
أتلتيكو كان الفريق الوحيد الذي قضى فيه جواو فيليكس، أكثر من موسم، وتحديدًا 3 مواسم ونصف، من صيف 2019 حتى شتاء 2023.
وخلال تلك الفترة، شارك جواو في 131 مباراة، لم يلعب منها من البداية للنهاية سوى 22 مباراة، حيث اُستبدل في 62 مباراة، وشارك كبديل في 47، لكنه لم يسجل سوى 34 هدفًا وصنع 18 آخرين.
وبعد تلك الرحلة، خاض فيليكس، نصف موسم مع تشيلسي، ثم موسم كامل مع برشلونة، ثم نصف موسم آخر مع “البلوز”، ومثله مع ميلان.
وعلى مدار عامين ونصف من التخبط، مثل فيليكس، الأندية الثلاثة في 105 مباريات، سجل خلالها 24 هدفًا وقدم 9 تمريرات حاسمة.
وأقصى عدد من الإسهامات مع فريق واحد خلال تلك المرحلة، كان 16 (10 أهداف و6 تمريرات حاسمة) مع برشلونة في موسم 2023-2024، وهو نحو نصف عدد إسهاماته مع بنفيكا (31) في الموسم الذي حظى بسببه بكل هذا الزخم حتى الآن.
كل تلك المخاطر لم تكلف النصر عناء البحث عن لاعب آخر بدرجة أقل من المخاطرة، لا سيما وأن النادي السعودي ليس في حاجة إليها، ولا يحتمل عواقبها السلبية.
تكون المخاطرة مقبولة، بل وضرورية عندما تدعو إليها الحاجة، بأن تكون هي السبيل الوحيد، أما غير ذلك فلا مبرر لها على الإطلاق.
وبحسب الصحفي الإيطالي فابريزيو رومانو، فإن النصر سيضم فيليكس مقابل 30 مليون يورو مع بعض الإضافات، ونسبة من إعادة البيع، ليصل الرقم إجمالًا إلى 50 مليونًا في المستقبل.
هذا الرقم كان كفيلًا بحصول النصر على عناصر أفضل بدرجة مخاطرة أقل، وهو ما يحتاجه الفريق في ظل ظروفه الحالية.
فالنصر مُقبل على مشروع جديد يقوده البرتغالي جورجي جيسوس، على أمل إحياء أمجاد نادٍ اندثرت منذ 4 سنوات ونصف، وتحديدًا منذ الحصول على كأس السوبر 2020 كآخر لقب رسمي في يناير/كانون ثان 2021.
ومع الغضب الجماهيري الحاد بعد الخروج بمواسم صفرية متتالية، كان النصر في حاجة إلى عناصر ذات مستوى ثابت تحظى بدعم جماهيري، ليقوم المشروع على أكتافها، بدلًا من أن تنهار معه.
غير أن هذا الرهان لا يبدو غريبًا على النصر، فالنادي العاصمي أقدم على عدة رهانات في السنوات الأخيرة، بعضها نجح والآخر لم يكن كذلك.
وفي صيف 2022، ضم النصر ظهيرًا إيفواريًا من ستاد ريمس، وهو جيسلان كونان، بعدما أسهم في 9 أهداف خلال 99 مباراة كاملة مع الفريق الفرنسي، ليرحل بعد موسم واحد.
بديل كونان كان البرازيلي أليكس تيليس، الذي كان يمر بمرحلة انحدار، حتى أن مانشستر يونايتد كان قد أعاره إلى إشبيلية في الموسم السابق، ليرحل هو الآخر بعد موسم وحيد.
وفي نفس الصيف، ضم النصر من لانس الفرنسي، لاعب الوسط الإيفواري سيكو فوفانا الذي لم يكن قد خاض مع منتخب بلاده سوى 8 مباريات، منها واحدة فقط في منافسة رسمية، قبل أن ينضم إلى صفوفه، ليرحل أيضًا بعد موسم وحيد.
حتى السنغالي ساديو ماني، راهن النصر على اسمه عندما ضمه من بايرن ميونخ في صيف 2023، في أسوأ مراحل مسيرته الكروية، بعد حالة من التخبط التي عاشها عقب الرحيل عن ليفربول.
والآن، يُقدم النصر على رهان جديد، بضم جواو فيليكس، مستدعيًا ذكريات عمرها 7 سنوات، عندما أشرقت شمسه في ملاعب أوروبا، دون أن تشرق تلك الشمس من جديد، بنفس وهجها حتى الآن.
0 تعليقات الزوار